كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: إذَا كَانَ يُؤَذِّنُ إلَخْ) الْأَوْلَى تَرْكُهُ لِإِيهَامِهِ وَإِغْنَاءُ سَابِقِهِ عَنْهُ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَالٍ) هَذِهِ الْمُبَالَغَةُ تَقْتَضِي اللُّزُومَ عِنْدَ سَمَاعِ الْأَذَانِ عَلَى الْعَالِي، وَإِنْ كَانَ لَا يَسْمَعُهُ لَوْ كَانَ عَلَى الْأَرْضِ وَيُخَالِفُهُ قَوْلُهُمْ وَالْمُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمُؤَذِّنِ عَلَى الْأَرْضِ لَا عَلَى عَالٍ انْتَهَى فَكَانَ يَنْبَغِي إسْقَاطُ الْوَاوِ أَيْ كَمَا أَسْقَطَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ وَاوُ الْحَالِ سم.
(قَوْلُهُ: كَطَبَرِسْتَانَ) هِيَ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ السِّينِ اسْمُ بِلَادٍ بِالْعَجَمِ مِصْبَاحٌ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّا إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ سَوَاءٌ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فِي هُدُوٍّ لِلْأَصْوَاتِ إلَخْ) وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ سُكُونُ الْأَصْوَاتِ؛ لِأَنَّهَا تَمْنَعُ مِنْ الْوُصُولِ وَسُكُونِ الْأَرْيَاحِ؛ لِأَنَّهَا تَارَةً تُعِينُ عَلَيْهِ وَتَارَةً تَمْنَعُ مِنْهُ بُجَيْرِمِيٌّ وَنِهَايَةٌ قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ طَرَفٍ يَلِيهِمْ إلَخْ) ضَابِطُهُ مَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِيهِ بِأَنْ يَمْتَنِعَ الْقَصْرُ قَبْلَ مُجَاوَزَتِهِ ع ش وَشَوْبَرِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَزِمَتْهُمْ) وَلَوْ سَمِعَ الْمُعْتَدِلُ النِّدَاءَ مِنْ بَلَدَيْنِ فَحُضُورُ الْأَكْثَرِ جَمَاعَةً أَوْلَى، فَإِنْ اسْتَوَيَا فَالْأَوْجَهُ مُرَاعَاةُ الْأَقْرَبِ كَنَظِيرِهِ فِي الْجَمَاعَةِ وَيُحْتَمَلُ مُرَاعَاةُ الْأَبْعَدِ لِكَثْرَةِ الْأَجْرِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: أَرْبَعُونَ) الْأَوْلَى الْأَرْبَعُونَ بِالتَّعْرِيفِ أَيْ أَرْبَعُونَ كَامِلُونَ مُسْتَوْطِنُونَ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَوَتْ لَسَمِعُوا) الْمُرَادُ لَوْ فُرِضَتْ مَسَافَةٌ انْخِفَاضُهَا مُمْتَدَّةٌ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَهِيَ عَلَى آخِرِهَا لَسُمِعَتْ هَكَذَا يَجِبُ أَنْ يُفْهَمَ فَلْيُتَأَمَّلْ وَقِيسَ عَلَيْهِ نَظِيرُهُ فِي الْأُولَى كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الْبُرُلُّسِيِّ بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ وَهُوَ حَقٌّ وَجِيهٌ، وَإِنْ تَبَادَرَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنْ تُفْرَضَ الْقَرْيَةُ عَلَى أَوَّلِ الْمُسْتَوَى فَلَا تُحْسَبُ مَسَافَةُ الِانْخِفَاضِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا الْعُلُوُّ فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّ فِي هَذَا نَظَرًا لَا يَخْفَى إذْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْوُجُوبُ فِي الثَّانِيَةِ، وَإِنْ طَالَتْ مَسَافَةُ الِانْخِفَاضِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ إدْرَاكُ الْجُمُعَةِ مَعَ قَطْعِهَا وَعَدَمُ الْوُجُوبِ فِي الْأُولَى، وَإِنْ قَلَّتْ مَسَافَةُ الِارْتِفَاعِ بِحَيْثُ يُمْكِنُ الْإِدْرَاكُ مَعَ قَطْعِهَا وَلَا وَجْهَ لِذَلِكَ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الشِّهَابَ الرَّمْلِيَّ اقْتَصَرَ فِي فَتَاوِيهِ عَلَى أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ كَلَامِهِمْ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ سم عَلَى حَجّ وَعِبَارَتُهُ عَلَى الْمَنْهَجِ عَقِبَ ذِكْرِ كَلَامِ الْبُرُلُّسِيِّ الْمُتَقَدِّمِ وَاعْتَمَدَ م ر كَأَبِيهِ نَحْوَ هَذَا وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِمَا فِي الشَّرْحِ م ر وَالْأَقْرَبُ مَا فِي سم وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْمَشَقَّةِ وَعَدَمِهَا ع ش وَقَوْلُهُ مُخَالِفَةٌ لِمَا فِي الشَّرْحِ أَيْ شَرْحِ م ر الصَّرِيحُ فِيمَا يُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ التُّحْفَةِ عِبَارَتُهُ م ر وَهَلْ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ لَوْ كَانَ بِمُنْخَفِضٍ لَا يَسْمَعُ النِّدَاءَ، وَلَوْ اسْتَوَتْ لَسَمِعَهُ إلَخْ أَنْ تُبْسَطَ هَذِهِ الْمَسَافَةُ أَوْ أَنْ يَطْلُعَ فَوْقَ الْأَرْضِ مُسَامِتًا لِمَا هُوَ فِيهِ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ الْمَذْكُورِ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي فَتَاوِيهِ انْتَهَتْ وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ الْحَلَبِيِّ وَالْحِفْنِيِّ اعْتِمَادُهُ أَيْ مَا فِي النِّهَايَةِ مِنْ تَرْجِيحِ الِاحْتِمَالِ الثَّانِي وَفِي الْكُرْدِيِّ بَعْدَ سَرْدِ عِبَارَتَيْ سم وَالنِّهَايَةِ مَا نَصُّهُ فَتَخَلَّصَ أَنَّ التُّحْفَةَ وَالنِّهَايَةَ مُتَّفِقَانِ وَأَنَّ ابْنَ قَاسِمٍ مَالَ فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ إلَى مَا قَالَاهُ وَأَشَارَ لِلرُّجُوعِ عَنْ مُوَافَقَةِ الْبُرُلُّسِيِّ. اهـ.
وَقَوْلُهُ: وَأَنَّ ابْنَ قَاسِمٍ مَالَ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ كَمَا يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ فِي عِبَارَتِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ.
(قَوْلُهُ: مُسَامِتًا لِبَلَدِ النِّدَاءِ) يَنْبَغِي تَنَازُعُ نُزُولٌ وَبُلُوغٌ فِيهِ سم.
(قَوْلُهُ: نَظَرًا لِتَقْدِيرِ الِاسْتِوَاءِ إلَخْ) أَيْ وَالْخَبَرُ السَّابِقُ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: وَلِمَنْ) أَيْ لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ الَّذِينَ يَبْلُغُهُمْ النِّدَاءُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: حَضَرُوا الْعِيدَ إلَخْ) أَيْ بِقَصْدِ صَلَاةِ الْعِيدِ بِأَنْ تَوَجَّهُوا إلَيْهَا بِنِيَّتِهَا، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكُوهَا وَأَمَّا لَوْ حَضَرُوا لِبَيْعِ أَسْبَابِهِمْ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُمْ الْحُضُورُ سَوَاءٌ رَجَعُوا إلَى مَحَلِّهِمْ أَمْ لَا ع ش قَالَ الْبُجَيْرِمِيُّ أَيْ، وَلَوْ وَصَلُوا وَرَجَعُوا إلَى مَحَلِّهِمْ. اهـ.
وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَيَظْهَرُ أَنَّ التَّشْرِيكَ هُنَا لَا يَضُرُّ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا) أَيْ، فَإِنْ دَخَلَ وَقْتُ الْجُمُعَةِ عَقِبَ سَلَامِهِمْ مِنْ الْعِيدِ مَثَلًا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ تَرْكُهَا كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَعَدَمُ الْعَوْدِ لَهَا إلَخْ) فَتُسْتَثْنَى هَذِهِ مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ نِدَاءُ بَلْدَتِهِ الَّتِي سَافَرَ مِنْهَا وَنِدَاءُ غَيْرِهَا، وَجَرَى عَلَى هَذَا الظَّاهِرِ الْعَزِيزِيُّ فَقَالَ وَمِنْ هَذَا مَا يَقَعُ فِي بِلَادِ الرِّيفِ مِنْ أَنَّ الْفَلَّاحِينَ يَخْرُجُونَ لِلْحَصَادِ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ، ثُمَّ يَسْمَعُونَ النِّدَاءَ مِنْ بَلَدِهِمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا فَتَجِبُ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ فِيمَا يَسْمَعُونَ مِنْهُ النِّدَاءَ وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ الْحَلَبِيُّ وَوَافَقَهُ الْعَنَانِيُّ مِنْ عَدَمِ الْوُجُوبِ عَلَى نَحْوِ الْحَصَّادِينَ إذَا خَرَجُوا قَبْلَ الْفَجْرِ إلَى مَكَان لَا يَسْمَعُونَ فِيهِ نِدَاءَ بَلْدَتِهِمْ، وَإِنْ سَمِعُوا نِدَاءَ غَيْرِهَا لِأَنَّهُ يُقَالُ لَهُمْ مُسَافِرُونَ وَالْمُسَافِرُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ جُمُعَةٌ، وَإِنْ سَمِعَ النِّدَاءَ مِنْ غَيْرِ بَلَدِهِ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ بِتَصَرُّفٍ وَيَأْتِي عَنْ سم مَا يُوَافِقُهُ أَيْ الْحَلَبِيَّ وَعِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ قَوْلُهُ: مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ السَّفَرُ لِلْعِيدِ أَوْ لِغَيْرِهِ لَكِنْ يَلْزَمُ أَنْ يُقَيَّدَ هَذَا بِمَنْ انْقَطَعَ سَفَرُهُ فِي الْمَحَلِّ الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ السَّفَرَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الْمَحَلِّ لِئَلَّا يُنَافِيَ مَا مَرَّ مِنْ سُقُوطِ الْوُجُوبِ بِبُلُوغِهِ إلَى خَارِجِ السُّورِ أَوْ الْعُمْرَانِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ مَحَلَّ السَّمَاعِ (مَعَهَا) أَيْ مَعَ بَلْدَةِ الْجُمُعَةِ الَّتِي سَافَرَ مِنْهَا وَبِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا (كَمَحَلَّةٍ مِنْهَا) أَيْ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُسَافِرْ وَهَذَا التَّعْلِيلُ ظَاهِرٌ فِيمَا مَرَّ عَنْ الْكُرْدِيِّ مِنْ تَفْسِيرِ الْإِطْلَاقِ وَعَنْ الْحَلَبِيِّ مِنْ تَخْصِيصِ الْوُجُوبِ وَعَدَمِ السُّقُوطِ بِمَنْ يَسْمَعُ نِدَاءَ بَلْدَتِهِمْ وَيَأْتِي عَنْ سم مَا يُوَافِقُهُ أَيْ الْحَلَبِيَّ.
(وَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ لَزِمَتْهُ) الْجُمُعَةُ، وَإِنْ لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ كَمُقِيمٍ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ (السَّفَرُ بَعْدَ الزَّوَالِ) لِدُخُولِ وَقْتِهَا (إلَّا أَنْ تُمْكِنَهُ الْجُمُعَةُ) أَيْ يَتَمَكَّنُ مِنْهَا بِأَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ وَهُوَ مُرَادُ الْمَجْمُوعِ بِقَوْلِهِ يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ إدْرَاكَهَا إذْ كَثِيرًا مَا يُطْلِقُونَ الْعِلْمَ وَيُرِيدُونَ الظَّنَّ كَقَوْلِهِمْ يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْ مَالِ الْغَيْرِ مَعَ عِلْمِ رِضَاهُ وَيَجُوزُ الْقَضَاءُ بِالْعِلْمِ (فِي طَرِيقِهِ) أَوْ مَقْصِدِهِ كَمَا بِأَصْلِهِ وَحَذَفَهُ لِفَهْمِهِ مِمَّا قَبْلَهُ وَذَلِكَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَقَيَّدَهُ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ بَحْثًا بِمَا إذَا لَمْ تَبْطُلْ بِسَفَرِهِ جُمُعَةُ بَلَدِهِ بِأَنْ كَانَ تَمَامَ الْأَرْبَعِينَ وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِمَّا مَرَّ آنِفًا مِنْ حُرْمَةِ تَعْطِيلِ بَلَدِهِمْ عَنْهَا لَكِنَّ الْفَرْقَ وَاضِحٌ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ مُعَطَّلُونَ بِغَيْرِ حَاجَةٍ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ، فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ سَفَرَهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ اتَّجَهَ مَا قَالَهُ، وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْهَا فِي طَرِيقِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ بِأَنْ ظَنَّ عَدَمَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ سَفَرُهُ (أَوْ يَتَضَرَّرُ بِتَخَلُّفِهِ عَنْ الرُّفْقَةِ) لَهَا فَلَا يَحْرُمُ إنْ كَانَ غَيْرَ سَفَرِ مَعْصِيَةٍ دَفْعًا لِضَرَرِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ الْوَحْشَةِ غَيْرُ عُذْرٍ وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَإِنْ صَوَّبَ الْإِسْنَوِيُّ بَحْثَ ابْنِ الرِّفْعَةِ اعْتِبَارَهُ وَأَيَّدَهُ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ السَّفَرُ لِلْمَاءِ حِينَئِذٍ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ فَإِنَّ هُنَاكَ بَدَلًا لَا هُنَا وَلَيْسَتْ الظُّهْرُ بَدَلًا عَنْ الْجُمُعَةِ بَلْ كُلٌّ أَصْلٌ فِي نَفْسِهِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يُخَاطَبُ بِالظُّهْرِ مَا دَامَ مُخَاطَبًا بِالْجُمُعَةِ بَلْ عِنْدَ تَعَذُّرِهَا لَابُدَّ عَنْهَا لِأَنَّ الْقَضَاءَ إذَا لَمْ يَجِبْ إلَّا بِخِطَابٍ جَدِيدٍ فَأَوْلَى أَدَاءُ آخَرُ غَايَتِهِ أَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَهُ حِينَئِذٍ فَرْضَ الْوَقْتِ لِتَعَذُّرِ فَرْضِهِ الْأَوَّلِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُمْ الْآتِي بَلْ تُقْضَى ظُهْرًا فِيهِ تَجَوُّزٌ وَأَنَّ الرَّفْعَ فِي قَوْلِهِ جُمُعَةٌ صَحِيحٌ لِمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الظُّهْرَ لَيْسَتْ قَضَاءً عَنْهَا (وَقَبْلَ الزَّوْلِ كَبَعْدِهِ) فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ (فِي الْجَدِيدِ إنْ كَانَ سَفَرًا مُبَاحًا)؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ مُضَافَةٌ إلَى الْيَوْمِ وَلِهَذَا يَجِبُ السَّعْيُ عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ مِنْ حِينِ الْفَجْرِ كَذَا قَالُوهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَبْلَهُ، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ الْجُمُعَةَ إلَّا بِهِ (وَإِنْ كَانَ طَاعَةً) مَنْدُوبًا أَوْ وَاجِبًا (جَازَ) قَطْعًا لِخَبَرٍ فِيهِ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ (قُلْت الْأَصَحُّ أَنَّ الطَّاعَةَ كَالْمُبَاحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَيَحْرُمُ نَعَمْ إنْ احْتَاجَ السَّفَرُ لِإِدْرَاكِ نَحْوِ وُقُوفِ عَرَفَةَ أَوْ لِإِنْقَاذِ نَحْوِ مَالٍ أَوْ أَسِيرٍ جَازَ، وَلَوْ بَعْدَ الزَّوَالِ بَلْ يَجِبُ لِإِنْقَاذِ الْأَسِيرِ أَوْ نَحْوِهِ كَقَطْعِ الْفَرْضِ لِذَلِكَ وَيُكْرَهُ السَّفَرُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لِمَا رُوِيَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ جِدًّا «مَنْ سَافَرَ لَيْلَتَهَا دَعَا عَلَيْهِ مَلَكَاهُ» أَمَّا الْمُسَافِرُ لِمَعْصِيَةٍ فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الْجُمُعَةُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُقِيمِ كَمَا عُلِمَ مِنْ الْبَابِ قَبْلَ هَذَا وَحَيْثُ حَرُمَ عَلَيْهِ السَّفَرُ هُنَا لَمْ يَتَرَخَّصْ مَا لَمْ تَفُتْ الْجُمُعَةُ فَيُحْسَبُ ابْتِدَاءُ سَفَرِهِ مِنْ الْآنَ كَمَا مَرَّ ثَمَّ.
(وَمَنْ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ) وَهُمْ بِالْبَلَدِ (تُسَنُّ الْجَمَاعَةُ فِي ظُهْرِهِمْ فِي الْأَصَحِّ) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ الطَّالِبَةِ لِلْجَمَاعَةِ أَمَّا مَنْ هُمْ خَارِجَهَا فَتُسَنُّ لَهُمْ إجْمَاعًا (وَيُخْفُونَهَا) كَأَذَانِهَا نَدْبًا (إنْ خَفِيَ عُذْرُهُمْ) لِئَلَّا يُتَّهَمُوا بِالرَّغْبَةِ عَنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَمِنْ ثَمَّ كُرِهَ إظْهَارُهَا عِنْدَ جَمْعٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ ظَاهِرًا إذْ لَا تُهْمَةَ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ) لَوْ تَبَيَّنَ خِلَافُ ظَنِّهِ بَعْدَ السَّفَرِ فَلَا إثْمَ وَالسَّفَرُ غَيْرُ مَعْصِيَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ نَعَمْ إنْ أَمْكَنَ عَوْدُهُ وَإِدْرَاكُهَا فَيُتَّجَهُ وُجُوبُ ذَلِكَ، وَلَوْ سَافَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْفَجْرِ، ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ جُنُونٌ أَوْ مَوْتٌ فَالظَّاهِرُ سُقُوطُ الْإِثْمِ كَمَا إذَا جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ وَأَوْجَبْنَا عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ، ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ أَوْ الْجُنُونُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ بِسُقُوطِ الْإِثْمِ فِي مَسْأَلَةِ الْجِمَاعِ الْمَذْكُورِ شَرْحُ م ر أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ لِتَعَدِّيهِ بِالْإِقْدَامِ فِي ظَنِّهِ، وَيُؤَيِّدُ عَدَمَ السُّقُوطِ مَا لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ يَظُنُّ أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ فَإِنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ سُقُوطِ الْإِثْمِ بِالتَّبَيُّنِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْكَفَّارَةِ وَالْإِثْمِ ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِسُقُوطِ الْإِثْمِ انْقِطَاعَهُ لَا ارْتِفَاعَهُ مِنْ أَصْلِهِ، وَقَدْ يُقَالُ يَنْبَغِي سُقُوطُ إثْمِ تَضْيِيعِ الْجُمُعَةِ لَا إثْمُ قَصْدِ تَضْيِيعِهَا. انْتَهَى.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ) حَاصِلُهُ تَرْجِيحُ جَوَازِ سَفَرِهِ لِحَاجَةٍ، وَإِنْ تَعَطَّلَتْ الْجُمُعَةُ لَكِنْ هَلْ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْوَاحِدِ وَنَحْوِهِ أَوْ لَا فَرْقَ حَتَّى لَوْ سَافَرَ الْجَمِيعُ لِحَاجَةٍ جَازَ وَكَأَنْ أَمْكَنَتْهُمْ فِي طَرِيقِهِمْ كَانَ جَائِزًا، وَإِنْ تَعَطَّلَتْ الْجُمُعَةُ فِي بَلَدِهِمْ وَيُخَصُّ بِذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَحْرِيمِ تَعْطِيلِهَا فِي مَحَلِّهِمْ فِيهِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ.
(قَوْلُهُ: لَهَا) يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِ الْمَتْنِ تَخْلُفُهُ.
(قَوْلُهُ: لِوُضُوحِ الْفَرْقِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لِابْنِ الرِّفْعَةِ أَنْ يَقُولَ: لَا جَدْوَى لِلْفَرْقِ بِأَنَّ الظُّهْرَ أَصْلٌ لَا بَدَلٌ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ بَعْدَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي أَنَّ كُلًّا يَقُومُ مَقَامَ الْوَاجِبِ عِنْدَ الْعُذْرِ فَكَمَا جَازَ التَّيَمُّمُ لِعُذْرِ الْوَحْشَةِ فَهَلَّا جَازَ الظُّهْرُ لِذَلِكَ نَعَمْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ الظُّهْرَ يَتَكَرَّرُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ وَأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْوَسَائِلِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقَاصِدِ.
(قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ) أَيْ عَلَى التَّفْصِيلِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِ) أَيْ كَإِدْرَاكِ عَرَفَةَ لَا يَجِبُ تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ لِإِدْرَاكِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ: وَحَيْثُ حَرُمَ عَلَيْهِ السَّفَرُ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَإِذَا جَازَ لِإِمْكَانِهَا فِي طَرِيقِهِ فَعَلَيْهِ حُضُورُهَا حَيْثُ أَمْكَنَ. اهـ.
وَكَانَ يُمْكِنُ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ حُضُورُهَا حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ تَرْكَهَا عِنْدَ ابْتِدَاءِ السَّفَرِ بَلْ عَرَضَ لَهُ ذَلِكَ الْقَصْدُ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ سَاغَ السَّفَرُ وَعُدَّ مُسَافِرًا ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ الْمُسَافِرِ كَمَا أَنَّ الِانْصِرَافَ مِنْ صَفِّ الْقِتَالِ مُمْتَنِعٌ إلَّا عَلَى قَاصِدِ التَّحَيُّزِ مَعَ أَنَّهُ إذَا انْصَرَفَ بِقَصْدِ التَّحَيُّزِ لَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَيُحْسَبُ ابْتِدَاءُ سَفَرِهِ مِنْ الْآنَ) يَنْبَغِي إذَا وَصَلَ لِمَحَلٍّ لَوْ رَجَعَ مِنْهُ لَمْ يُدْرِكْهَا أَنْ يَنْعَقِدَ سَفَرُهُ مِنْ الْآنَ، وَإِنْ كَانَتْ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ لَمْ تُفْعَلْ فِي مَحَلِّهَا.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ) إلَى قَوْلِهِ فَإِنَّ هُنَاكَ بَدَلًا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلُهُ: كَمَا فِي أَصْلِهِ إلَى وَذَلِكَ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ فُرِضَ إلَى أَمَّا إذَا وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا إلَى الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: كَمُقِيمٍ لَا يَجُوزُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ أَقَامَ أَوْ نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ دُونَ ذَلِكَ فَإِنَّ لَهُ حُكْمَ الْمُسَافِرِينَ وَلَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ بَصْرِيٌّ وَقَوْلُهُ: إقَامَةُ أَرْبَعَةٍ إلَخْ أَيْ أَوْ إقَامَةٌ مُطْلَقَةٌ.